الحاكم المسلم ( أورانج زيب عالم
كير ) حاكم الهند
محاضرة رائعة بكل ماتعني الكلمة عن هذا الرجل اللي لايعرفه كثير من الناس بكل اسف حتى أن الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله وصفه أنه بقية الخلفاء الراشدين
هو الأسد الجسور والليث الهصور والإمام الهمام وأحد عمالقة الإسلام الذي أذل الكفر وزلزل الطغيان وقوَّض عروش أهل الإلحاد في ربوع مملكته والأوطان وحارب الفساد وأهله في كل مكان وأتى على بنيان الظلم والظلمة من القواعد حتى خرَّ عليهم السقف من فوقهم وأذاق المغرورين والمعاندين من كئوس المرار ما انشقّتْ له حلوقهم وأرغم الجبابرة على الانقياد لله والرسول عليه الصلاة والسلام ودقَّ حصون الزنادقة على رؤسهم بالعرض والطول وجعل المهانة والصغار على كل من أبى قبول الحق بعد أن أُقيمت عليه من الله الحجة وسلك بالمسلمين في أيامه سبيل الاستقامة وطريق المحجة فكان كالبدر المشرق فى سمائه والفيض المغدق بسلسبيل رُوَائه والناصح الأمين للخاص والعام ، والمجدد لهذا الدين أمره في سابق الأزمان وغابر الأيام حتى أنه مرة في طريقه إلى المسجد رأى جمعا من الناس يحملون نعوشا بيضاء فسأل عن الأمر فقيل له أن الموسيقيين في عصره كسد سوقهم ونبذهم الناس فلذلك الموسيقيين يريدون دفن آلات الموسيقى لأنها لم تعد مربحة ولايريدها الناس فقال لهم وأوصاهم أن يدفنوها جيدا حتى لا تحيا مرة أخرى .
هذا الرجل الذي أقام العدل في زمانه حتى عبقت بذكره الأرجاء ، وانقادت له الممالك وخضعت حتى صار النصر له رفيقا ذاكم : هو السلطان العظيم ، و المجاهد الزاهد : أبو المظفر محي الدين محمد أُورانك زيب عالم كير، سلطان مملكة شبه القارة الهندية وما حواليها في القرن العاشر وأوائل القرن الحادي عشر الهجري .
تولَّى زمام السلطنة المغولية بالهند عام 1069هـ1669م ، بعد معارك نازفة بينه وبين المفسدين من إخوته وأقاربه ! وكانوا يريدون الدنيا وزينتها ! ويأبى : ( أورانك زيب ) إلا إقامة العدل ونشر التوحيد وخدمة الإسلام والمسلمين .
ولما جلس على عرش المملكة الهندية : بدأ يسير على منهاج النبوة الأولى في إقامة شعائر الدين ، وإنصاف المستضعفين ، ورفع راية الجهاد على سائر المرتدين والمعاندين وأخذ الجزية من كفرة الهندوس وغيرهم مع القيام على حوائج الأرامل والثكالى والفقراء من المؤمنين
كل هذا مع الزهد والعبادة ، ونشر العلم والعلوم بين سواد الناس .، والقضاء على كثير من البدع والخرافات وآلات اللهو التي كانت ذائعة في تلك البلاد العريضة جدا
فأبطل الاحتفال بالأعياد الوثنية مثل عيد النيروز وغيره ، كما منع عادة تقبيل الأرض بين يديه والانحناء له ومنع الخطب الطويلة التى تقال لتحية السلطان واكتفى بتحية الإسلام كما منع دخول الخمر إلى بلاده وصرف أهل الموسيقى والغناء عن بلاطه !وقد كان مع كونه ملكا عظيما : فقد كان عالما حنفيا جليلا ذا قدم راسخة في أصول مذهب الأحناف وكان أيضا شاعرا فصحيا ، مع المعرفة الواسعة بفنون الأدب والشريعة .
قيل عنه في عصره : سلطان الهند في عصرنا وأمير المؤمنين وإمامهم وركن المسلمين ونظامهم المجاهد في سبيل الله العالم العلامة العارف بالله ، الملك القائم بنصرة الدين الذي أباد الكفار في أرضه وقهرهم وهدم كنائسهم وأضعف شركهم وأيد الاسلام وأعلى في الهند مناره وجعل كلمة الله هي العليا وقام بنصرة الدين وأخذ الجزية من كفار الهند ولم يأخذها منهم ملك قبله لقوتهم وكثرتهم وفتح الفتوحات العظيمة ، ولم يزل يغزوهم ، وكلما قصد بلداً سلكها ، إلى أن نقله الله إلى دار كرامته وهو في الجهاد ، وصرف أوقاته للقيام بمصالح الدين وخدمة رب العالمين من الصيام والقيام والرياضة التي لا يتيسر بعضها لآحاد الناس فضلاً عنه ! وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
وكان موزعاً لأوقاته : فوقت للعبادة ،ووقت للتدريس ، ووقت لمصالح العسكر ، ووقت للشكاة ، ووقت لقراءة الكتب والأخبار الواردة عليه كل يوم وليلة من مملكته ، لا يخلط شيئاً بشيء ! والحاصل إنه كان حسنة من حسنات الزمان ، ليس له نظير في نظام سلطنته ولا مُدانِ ، وقد ألُّفتْ في سلطنته وحسن سيرته : الكتب الطويلة بالفارسية غيرها
اشتغل بالمملكة من سنة ثمان وستين وألف ، وأراد الله بأهل الهند خيراً ؛ فإنه رفع المظالم والمكوس وطلع من الأفق الهندي فجره ، وصارت بلادهم تحت طاعته ، وجُبِيَتْت إليه الأموال ، وأطاعته البلاد والعباد ، ولم يزل في الاجتهاد في الجهاد ، ولم يرجع إلى مقر ملكه وسلطنته بعد أن خرج منه ، وكلما فتح بلاد أشرع في فتح أخرى ، وعساكره لا يحصون كثرة، وعظمة وقوته لا يمكن التعبير عنها بعبارة تؤديها حقها ! والملك لله وحده ،
وأقام في الهند : دولة العلم وبالغ في تعظيم أهله حتى قصده الناس من كل البلاد ، والحاصل : أنه ليس له نظير في عصره في ملوك الاسلام في حسن السيرة والخوف من الله سبحانه والجد في العبادة
وقيل عنه أيضا إنه مع سعة سلطانه : يأكل فى شهر رمضان رغيفا من خبز الشعير من كسب يمينه ! ويصلى بالناس التراويح ، وله نعم بارَّة ، وخيرات دارَّة جدا
وقال عنه الشيخ علي طنطاوي في كتابه رجال من التاريخ : وفِّق إلى أمرين لم يسبقه إليهما أحد من ملوك المسلمين : -
الأول : أنّه لم يكن يعطى عالما عطية أو راتبا إلا طالبه بعمل , بتأليف أو بتدريس , لئلا يأخذ المال ويتكاسل , فيكون قد جمع بين السيئتين , أخذ المال بلا حق وكتمان العلم !!
الثانى : أنّه أول من عمل على تدوين الأحكام الشرعية فى كتاب واحد , يُتخذ قانونا فوضعت له وبأمره وبإشرافه وتحت ناظره .... انتهى كلامه
مع أنه صاحب مملكة عظيمة شاسعة لكنه كان زاهدا معتمدا في كسب رزقه على عمل يده , فقد كان يخط بيده المصاحف ويبيعها ليعيش منها فقد كان حسن الخط
إنها حقا سيرة رائعة سلطان حازم عادل جمع بين ملك مملكة كبيرة أقامها على العدل و حمى فيها الإسلام وثبت مذهب اهل السنة مع علمه وزهده وورعه وعبادته واعتماده في كسبه على عمل يده وهو يدير بلدا بهذه الضخامة فلله دره.
توفي رحمه الله سنة 1118 هـ عن عمر يناهز 90 سنة وكفن في كفن اشتراه من ثمن طواقي كان يغزلها بيده ويبيعه سرا وكانت تركته 300 روبية فقط ,أوصى بها للفقراء .
لماذا لاننشر سير هؤلاء العظماء ليطلع أبنائنا على تلك القدوات التي يجب ان يقتدو بها ويتعلمو منها