2/20/2013

من أروع ماقرأت مبتعث يروي قصتة وعدم مصافحتة النساء وقصة صيحة الطالبة الكولومبية


مبتعث يروي قصة صيحة الطالبة الكولومبية والنقاش حول "الصداقة قبل الزواج"

خاص- سبق- الرياض:كشف الدكتور زياد المشوخي عضو هيئة التدريس بجامعة الأمير سلطان بالرياض جانباً من حياته وقت كان مبتعثاً في العاصمة البريطانية لندن بدءاً من صعوده للطائرة بمطار عمان الدولي وجلوسه في المقعد بجوار النافذة وإخباره أنه من الممكن مشاهدة المسجد الأقصى، وحتى عودته إلى أرض الوطن.

وفي "مذكرات لندنية" التي خص بها " سبق" يقول المشوخي: عندما أعلن كابتن الطائرة إمكان السادة الركاب مشاهدة المسجد الأقصى من على يسار الطائرة قمت من على مقعدي وانطلقت مسرعاً إلى الجهة اليسرى من الطائرة، لم أكن وحدي من فعل ذلك، بل كان هذا حال معظم الركاب العرب في الطائرة، وعلى الرغم من محاولات مضيفي الطائرة إجلاس الركاب إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك.

وتبدأ الصعوبات والمشكلات تواجه المشوخي بعد هبوط الطائرة والانتهاء من تعبئة استمارة الدخول، وذهابه لاستلام حقيبته من الأمتعة وانصراف ركاب الطائرة والحقيبة لم تصل بعد ومحاولات التحدث بصعوبة بمفردات إنجليزية واستخدم لغة الإشارة لوصف حقيبته من حيث لونها وحجمها وشكلها، وتسجيل هاتف المركز الإسلامي الذي سيحل عليه ضيفاً خلال مدة الدراسة، حيث لديهم غرف للسكن وريعها يصرف للمسجد والمدرسة الإسلامية.

وعندما توجّه إلى بوابة الخروج يقول المشوخي: "انتابتني مشاعر ابن السبيل التي كنت أسمع عنها سماعاً"، ثم يسرد رحلة البحث عن محطة القطارات الأرضية والبحث عن الشارع الذي به المركز الإسلامي تحت المطر الذي يتساقط بغزارة، وما حل بالبدلة الرسمية التي يرتديها وربطة العنق التي لم يتعود على لبسها.

ويدلف المشوخي إلى قصة دراسته في معهد اللغة الإنجليزية والمعلمة "إيفونا"، ويقول "هذه هي المرة الأولى في حياتي التي تُدرسني فيها مُدرسة وحرصت على أن أجلس بجوار أحد الطلاب – بعيداً عن الطالبات – وكنت حريصاً على أن أمثل ديني بأخلاقه ومبادئه مظهراً له ومفتخراً ومعتزاً به، وعندما جاء وقت الاستراحة تعرفت على صاحبي اسمه "كاجرمو" من "كولومبيا" يعمل مهندساً في بلده".

ويضيف: "منذ اليوم الأول حرصت على إلقاء درس ديني في المركز الإسلامي، لعدم وجود درس يومي بالمركز بعد صلاة المغرب يومياً، عدا يومي السبت والأحد، لكونهما إجازة نهاية الأسبوع".

ويقول: "بدأ الدرس بعامل المركز وازداد الحضور ليصل الأربعين شخصاً, كما أنني خصصت يوم الأحد للذهاب إلى حديقة الهايد بارك الشهيرة "Hyde Park‏" وتحديداً إلى ركن المتحدثين "Speakers Corner" لأستفيد من الحوارات والكلمات التي تلقى هناك في تقوية لغتي الإنجليزية".

ويقول المشوخي: "كنت أجلس أحياناً بعد الدرس مع بعض الإخوة فأسمع أخبارهم وقصصهم وتجاربهم، وكانوا من بلدان شتى منها: الجزائر والمغرب ومصر والصومال واليمن والسعودية".

وعن تجربته على مقاعد الدراسة في صف واحد مع الطالبات والطلاب، أو أن تدرسه معلمة يقول المشوخي: "وضعت قواعد واضحة لمن يريد التعامل معي منذ اليوم الأول، فامتنعت عن المصافحة بالنسبة للطالبات، وفي حال رغبة المعلمة أو المعلم أن نقوم بتمرين يقتضي المصافحة أو شبك الأيادي ونحوها من الحركات، فإنني أعتذر بأدب ووضوح دون تردد أن أشارك مع طالبة، وفعلاً يستجيب الجميع لطلبي".

ويقول: "كنت غريباً بالنسبة لهم، لكنها لم تكن غرابة بل كانت تميزاً، هذا التميز فتح أبواباً للحوارات مع الطلاب والطالبات والمعلم والمعلمة أحياناً، كان الطلاب والطالبات من بلدان شتى من فرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا، وروسيا، والدنمرك، والأرجنتين، والبرازيل، وفنزويلا، وكولومبيا، وكوريا الجنوبية، والفلبين، وغيرها من البلدان، ولك أن تتخيل تنوع العادات، والثقافات، واللغات، لقد كنت مختلفاً عنهم جميعاً في كل شيء حتى في نطق الأحرف، حتى قالت المعلمة: "أنتم العرب متميزون في نطق الأحرف الإنجليزية"، وكنت أرى معاناة الطلاب الآخرين في بعض الأحرف".

ويشير المشوخي إلى تميز طرق التدريس في معاهد اللغة الإنجليزية، ويقول: "كانت المعلمة إيفونا حريصة على تشجيعنا فكانت تختار في كل أسبوع الطالب المثالي، لتعطيه باوند عبارة عن قطعة من الشوكولاتة مغلفة باللون الذهبي على شكل الباوند".

ويضيف: "أتذكر يوم حصلت على هذا الباوند- وهو أمر رمزي- وعدت إلى المعهد وبيدي الكتاب والباوند فقابلني أحد طلابي في المركز الإسلامي، وأخبرته قصة الباوند الذي معي، فضحك وفرح كثيراً لنجاحي، ولكن أوصاني أن أرميه إذ إن أغلب الشوكولاتة تكون مخلوطة بنسبة من الكحول، فرميته، ولم أفرح به".

ويروي المشوخي قصة "كاجرمو" المهندس الكولومبي، وكيف قويت علاقته معه. ويقول: "كنت أحاول أن أساعده في أمور الدراسة، وأسأل عنه، وابتسم في وجهه، حتى جاءني يوماً وسألني سؤالاً لم أكن أتوقعه، فقال لي: كيف تصلون؟ فحاولت أن أبيّن له، ثم قلت له: إن رغبت إن تشاهد صلاتنا فيمكنك أن تأتي معي إلى المسجد وتشاهد الصلاة، تعجب من دعوتي، ربما كان يتوقع أنها طقوس غريبة أو سرية لا يسمح لأحد بالاطلاع عليها".

ويضيف: "خرج كاجرمو معي إلى المركز الإسلامي، دخلت إلى المسجد عند إقامة صلاة المغرب وأشرت له أن يجلس في آخر المسجد، ثم أُقيمت الصلاة ولم يكن الإمام موجوداً فقدمني المصلين للصلاة".

ويتابع: "بعد الصلاة جلست مع كاجرمو وقد بدا التأثر عليه، فبادرني بالقول: إن صلاتكم قصيرة جداً، قلت له: كما ترى إنها خمسة أوقات فيها راحة للنفس لتتخلص من كل شواغل الدنيا، وسألني ماذا كنت تقرأ، فقلت له: إنها مقاطع "آيات" من كتابنا المقدس القرآن، فقال لي: إنه متحمس للقراءة من القرآن الكريم باللغة الإسبانية والإنجليزية "أي ترجمة معاني كلمات القرآن الكريم".

ويقول المشوخي: "بعد زيارة كاجرمو للمركز بيومين أو أكثر أعطيته مطويات تعريفية بالإسلام باللغة الإنجليزية، وحديثه عن الزيارة في الفصل وفرحه بها جعل أحد الطلاب الكوريين يطلب مني زيارة المركز، فرتبت أمر الزيارة، وفعلاً جاء هذا الطالب الكوري واسمه "ji-hwan" "جي هوان" مع كاجرمو وشاهدا الصلاة".

ويقول: "بعد ذلك وجدت بعض الأصدقاء في المركز قد أعدوا وجبة طعام لهؤلاء الزوار، فجلسنا نأكل في المطبخ، ثم جلسنا نتحدث قليلاً، وكانت اللغة الإنجليزية لدى أصدقائي في السكن أفضل مني بكثير مما ساعدني أكثر في الحديث مع "كاجرمو" و"جي هوان" اللذين كانا مسرورين جداً من هذه الزيارة ومن الطعام اللذيذ".

ويحكي المشوخي عن قصة الفئران في بريطانيا فيقول: "انتشار الفئران في بريطانيا فحدث ولا حرج، وليس غريباً أن تطلق جماعة "حافظوا على نظافة بريطانيا" تحذيرات خطر انتشار الفئران، وأنها تركت أماكنها التقليدية تحت الأرض وتجوب الشوارع حالياً؛ نتيجة وجود بقايا الأطعمة السريعة، بل أظهرت الإحصاءات الرسمية للقوارض في 2001 ارتفاع أعداد الفئران في بريطانيا بواقع الربع تقريباً منذ 1998م، وقدرت بنحو 60 مليوناً، أي تزيد عن سكان البلاد بأكثر من مليونين".

ويتحدث المشوخي عن مفاجأة من معلمة الإنجليزية الجديدة "دورس" ويقول: "بعد أن أنهيت المرحلة الأولى من الدراسة انتقلت إلى المرحلة الثانية، وتغيرت المعلمة فجاءت دورس ذات الأصول الإفريقية، وكانت حادة الطبع وأكثر صرامة من المعلمة الأولى إيفونا، وكنت أستاذن للخروج للصلاة يوم الجمعة وأعود بعد الصلاة مباشرة إلى الدرس، إلا أن بعض الطلاب والطالبات كانوا يخرجون للتسلية فكانت تمنعهم وتحترم طلبي لخصوصيته".

ويضيف: "ذات جمعة غضبت من خروج بعض الطلاب، فأخذت تتكلم عن الانضباط والوقت وأهمية الحضور، المشكلة أنها تكلمت قبيل موعد الصلاة، وما إن انتهت من الحديث حتى رفعت يدي مستأذناً منها للخروج للصلاة فرمقتني بنظرة حادة فرددت عليها بمثلها أو أحد، مما جعلها تتذكر أمر الصلاة وتأذن لي، المفاجأة أن أحد الطلاب الجدد الذي التحق بنا منذ يومين فقط رفع يده، فتعجبت منه دورس فقال لها: أنا معه، بطبيعة الحال كنت أنا أشد تعجباً منها، خرجنا معاً، وسلمت عليه، وتبيّن لي أنه مسلم عربي، عاش وولد في الدنمارك، وقال لي: شكراً لك، لقد أعجبني إصرارك، لم أكن أصلي لكنك شجعتني".

ويقول: "طلبت منا المعلمة دورس أن يتحدث كل منا مع زميله عن وجهة نظره، وهو يحدثه عن وجهة نظره حول الموضوع، بعد ذلك يتحدث كل منا أمام الفصل عن وجهة نظر زميله، وهو يحدث الفصل كله عن وجهة نظره، ثم وزعتنا في الأماكن على شكل ثلاثة أضلاع للمستطيل، وقسمتنا اثنين اثنين".

ويضيف المشوخي: "جلست أنا قبل الأخير في الضلع الثالث للمستطيل، وجلست بعدي طالبة من كولومبيا، ثم طرحت دورس موضوع النقاش وهو "مزايا السكن مع الوالدين وعيوبه".

ويتابع: "تحدثت معي الطالبة وقالت لي: إنها تتضايق من كثرة طلبات الوالدين أحياناً، وضرورة تنظيم كل شيء، ولكنّ الوالدين يساعدانها في المصاريف، والطبخ ونحوه، وأما السكن وحدي فهو يمنحني الحرية، في كل شيء، في فعل ما أريد وقتما أريد".

ويقول: "بعد ذلك حدثتها أنا عن بر الوالدين، وهي تتعجب وتسأل: لماذا؟ فقلت لها: إنه ديني، ثم انتهى الوقت".

ويضيف: "بدأ الطلاب والطالبات بالحديث، لقد كانت إجاباتهم متكررة، كلها تدور في فلك الأمور المادية، وجاء دوري فتحدثت عن الطالبة الكولومبية هي تقول: إن السكن مع والديها يقيدها....إلخ حديثها، ثم جاء دورها للحديث عني، فقالت بحماس شديد وبأعلى صوتها: قبل أن أبدأ الحديث، يجب أن أخبركم أن زياد ينتمي لأفضل دين على وجه الأرضThe best religion in the world، بدأ الجميع يسألها باهتمام، لماذا؟ "why"، فقالت: تخيلوا أنه يجب عليه أن يساعد والديه، وأن ينفق عليهما؛ لأنهما سبب وجوده، ولأنهما ساعداه وهو طفل، ويجب عليه أن يعاملهم معاملة حسنة، سواء أكان ساكناً معهم أم لا، سواء أكان بحاجة له أم لا، بل حتى بعد موتهم يجب أن يدعو لهم...، ثم ختمت حديثها بقولها: ألم أقل لكم أن دينه عظيم؟".

ثم يطرح المشوخي قضية آخر قابلته كسعودي مسلم في درس اللغة عندما طرحت معلمته "دورس" موضوع العلاقة أو الصداقة قبل الزواج.

وقال: "تحدث الطلاب والطالبات عن أهمية هذه العلاقة وضرورتها للتعرف أكثر على بعضهم بعضاً، ومعرفة السلبيات والإيجابيات، والصفات والمشاعر. وأدركت المعلمة لكوني مسلماً فالمفترض ألا تكون هنالك أي علاقة قبل الزواج، وربما أرادت ألا تحرجني أو خشيت من وجهة نظري، فتجاوزتني، وقالت: نرجع إلى الدرس، إلا أن الطلاب والطالبات رفعوا أيديهم لها، وأشاروا إلي، قائلين: إن زياد لم يتحدث بعد!، فاعتذرت لي، وقالت: تفضل".

ويضيف: "تحدثت أن العلاقة عندنا بين الرجل وزوجته ذات أهمية كبيرة، وهي عقد مقدس، وأنه لا يمكن أن أتلاعب بالمشاعر وأكسر القلوب من أجل رغباتي، ثم سألت سؤالاً: هل النساء في نظركم عبارة عن كرسي أو سيارة أو نحوها، تجربها مدة من الزمان ثم ترميها بعيداً عنك! فأين هي حقوق الإنسان؟ لماذا تظلمون المرأة؟ وهل ترضى أنت بهذا الظلم لابنـتك في المستقبل! ثم سألت سؤالاً أصاب الطلاب والطالبات بالحيرة والدهشة، كم فتاة يجب أن تجرب حتى تتزوج! نعم: خيرٌ للحبِّ أنْ يكونَ ثمرةً للزواجِ من أنْ يكونَ الزواجُ ثمرةً له".

ويتابع: "بعد انتهاء الدرس جاء إلي مجموعة من الطلاب والطالبات، لاستكمال النقاش، فأكدت احترام الإسلام للمرأة ولضعفها، وأني أعتبر العلاقة التجريبية عبثاً وظلماً للمرأة وامتهاناً لها كأنها سلعة بلا مشاعر".

ويقول: "سألتني إحدى الطالبات، ما الذي يمنعك كمسلم من ظلم المرأة أو خيانتها؟ فأجبت: إنها ليست علاقة بيني وبين الزوجة فقط، بل هي علاقة بيني وبين ربي، فهو المطلع على كل شيء، فلا يمكن أن أخونها مع صديقات، ألم أقل لكم إن عقودنا مقدسة".

ويضيف: "لم تتمالك الطالبة نفسها، وأخذت تبكي وتذرف الدموع، لم أتوقع أن تكون هذه هي ردة فعلها، ثم قالت لي كلمة لا أزال أسمعها ترن في أذني: كم أتمنى لو كنت مسلمة، قلت لها: وما يمنعك؟! قالت: لا أستطيع أن أترك كل هذه الأمور، الخمر، والأصدقاء، وألبس الحجاب، ثم قالت: لا أعلم، لا أعلم، وبدت في قمة الحيرة والتردد، وخرجت وحالها:
أَطَعْتُ مَطَامِعِي فَاسْتَعْبَدَتْنِي * وَلَوْ أَنِّي قَنَعْتُ لَكُنْتُ حُرَّا".

ويقول: "إن أولئك النسوة يحملن في ذاكرتهن الكثير من التجارب القاسية والذكريات المرة التي لا يملكن عند استحضارها سوى البكاء، لقد واجهن مصاعب أكبر من قدراتهن بلا حماية أو عوض، ولا حاجة للمقارنة بين واقع المجتمعات الغربية والوصايا التي جاءت في ديننا لحفظ حقوق المرأة والرفع من مكانتها ومنـزلتها سواءً أكانت أماً أو بنتاً أو أختاً أو زوجة أو مجرد كونها امرأة، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً".

ساهم بنشر هذه القدوة وهذه السيرة الطيبة ليقتدي بها كل مبتعث