حكايتي مع الكتاب ....قصة طريفة
رائعة للدكتور/ عبدالرحمن بن معاضة الشهري
وقع لي حادث مع لسان العرب عام 1411هـ في أبها، حيث أردت شراء نسخة منه ولم يكن معي إلا ثمنه بالضبط (250 ريالاً)، وأبى صاحبُ المكتبة أن يساعدني بتخفيض ريال واحد وبقي عن مكافأة الجامعة (850 ريالاً) ثلاثة أسابيع، وظروفنا صعبة جداً في ذلك الوقت، وكنت أسكن في شقة مع زميلٍ لي لا يُكلِّفُ نفسَه عناء المساهمة معي بشيء في أعباء الشقة إلا بالمشاركة في رفع السفرة إذا انتهينا من الطعام! وهو يعمل في القطاع العسكري ولا يؤمن بالكتب ويستغرب من كثرة شرائي للكتب، فأخبره بأن هذه الكتب كلها مقررة علينا في الكلية فيسكت، ويقول: أعوذ بالله من هذه الدراسة! وإذا أردت التخلص من الذهاب معه أعتذر بأنه يجب علي أن أنتهي من قراءة كل هذه المجلدات في أقرب فرصة من أجل الاختبارات ، فيخرج ويتركني .
فأخذتُ أترددُ على المكتبة أقلِّب الكتابَ وأتأمَّلُ فيه، ثم أُخرجُ المبلغَ فأحسبهُ وأطيل في حسابه وأكثره من فئة الريال لأنه تجميعات! ثُمَّ أتذكر أنه لن يبقى معي شيء بقية الشهر، فأعيد المبلغ في جيبي وأعود للبيت، فإذا ذهبت للبيت تذكرت الكتاب ونازعتني نفسي والنسخة وحيدة فأعود للمكتبة، وكانت المسافة ليست بعيدة (حوالي 5 كم) في حي شَمسان بأَبْها، والمكتبة اسمها مكتبة الهدى وأظنها أغلقت من زمن، أو تحولت إلى قرطاسية فقط .
وفي المرة الرابعة تقريباً أو الخامسة توجس صاحب المكتبة مني ولم يشك أنني لص أتدبر أمر سرقة شيء ما وربما كانت رثاثة هيئتي توحي بشي من ذلك!، وتلك المرة لقيت أحد المشايخ في المكتبة وأنا أعرفه من قبل ويعرفني فهو من أهل النماص، فوجدته يضحك مع صاحب المكتبة فانتهزت فرصة معرفتي للشيخ، وطلبت منه أن يتوسط لي عند صاحب المكتبة بأن يخفض لي من ثمن الكتاب أي شيء، فوافق وشفع لي فأعطاني الكتاب بمبلغ 230 ريالاً وبقي لي عشرون ريالاً، فلم أتردد لحظة، وأخذته على كتفي في كرتون وجريت إلى البيت وكأني أحمل ريشة، وبقيت أسبوعين آكلُ التميس فقط أفطر وأتعشى ولا أتغدى، وأبقى في مكتبة الكلية إلى وقت متأخر حتى لا يطالبني صاحبي بالغداء واعتذر له بأن لدينا هذه الأيام بحوث ونضطر للبقاء حتى المساء. وهو فيما عرفت فيما بعد كان يخرج للغداء إذا تأخرت في مطعم قريب من البيت.
وقع لي حادث مع لسان العرب عام 1411هـ في أبها، حيث أردت شراء نسخة منه ولم يكن معي إلا ثمنه بالضبط (250 ريالاً)، وأبى صاحبُ المكتبة أن يساعدني بتخفيض ريال واحد وبقي عن مكافأة الجامعة (850 ريالاً) ثلاثة أسابيع، وظروفنا صعبة جداً في ذلك الوقت، وكنت أسكن في شقة مع زميلٍ لي لا يُكلِّفُ نفسَه عناء المساهمة معي بشيء في أعباء الشقة إلا بالمشاركة في رفع السفرة إذا انتهينا من الطعام! وهو يعمل في القطاع العسكري ولا يؤمن بالكتب ويستغرب من كثرة شرائي للكتب، فأخبره بأن هذه الكتب كلها مقررة علينا في الكلية فيسكت، ويقول: أعوذ بالله من هذه الدراسة! وإذا أردت التخلص من الذهاب معه أعتذر بأنه يجب علي أن أنتهي من قراءة كل هذه المجلدات في أقرب فرصة من أجل الاختبارات ، فيخرج ويتركني .
فأخذتُ أترددُ على المكتبة أقلِّب الكتابَ وأتأمَّلُ فيه، ثم أُخرجُ المبلغَ فأحسبهُ وأطيل في حسابه وأكثره من فئة الريال لأنه تجميعات! ثُمَّ أتذكر أنه لن يبقى معي شيء بقية الشهر، فأعيد المبلغ في جيبي وأعود للبيت، فإذا ذهبت للبيت تذكرت الكتاب ونازعتني نفسي والنسخة وحيدة فأعود للمكتبة، وكانت المسافة ليست بعيدة (حوالي 5 كم) في حي شَمسان بأَبْها، والمكتبة اسمها مكتبة الهدى وأظنها أغلقت من زمن، أو تحولت إلى قرطاسية فقط .
وفي المرة الرابعة تقريباً أو الخامسة توجس صاحب المكتبة مني ولم يشك أنني لص أتدبر أمر سرقة شيء ما وربما كانت رثاثة هيئتي توحي بشي من ذلك!، وتلك المرة لقيت أحد المشايخ في المكتبة وأنا أعرفه من قبل ويعرفني فهو من أهل النماص، فوجدته يضحك مع صاحب المكتبة فانتهزت فرصة معرفتي للشيخ، وطلبت منه أن يتوسط لي عند صاحب المكتبة بأن يخفض لي من ثمن الكتاب أي شيء، فوافق وشفع لي فأعطاني الكتاب بمبلغ 230 ريالاً وبقي لي عشرون ريالاً، فلم أتردد لحظة، وأخذته على كتفي في كرتون وجريت إلى البيت وكأني أحمل ريشة، وبقيت أسبوعين آكلُ التميس فقط أفطر وأتعشى ولا أتغدى، وأبقى في مكتبة الكلية إلى وقت متأخر حتى لا يطالبني صاحبي بالغداء واعتذر له بأن لدينا هذه الأيام بحوث ونضطر للبقاء حتى المساء. وهو فيما عرفت فيما بعد كان يخرج للغداء إذا تأخرت في مطعم قريب من البيت.
وذات يوم لا أنساه لم يبق معي إلا ما يقارب الخمسة ريالات أو أقل، وأنا جالس في البيت ومعي صاحبي نشرب آخر حبة بقيت من شاي ليبتون أو بنتليز نسيتُ! إذا بجرس الشقة، فخفتُ منه، وقمت متثاقلاً للباب وإذا به شقيقي الأكبر عبدالعزيز حفظه الله ورعاه، يطرق الباب ويرفض الدخول، ويقول: أحببت المرور للسلام عليك فقط. ولم يكن لدينا هاتف ثابت أو محمول، وإنما آخذ الأخبار كل أسبوعين أو ثلاثة بواسطة هواتف الشوارع.
وإذا به يَمُرُّ على أبها مستعجلاً في مهمة وكان حينها ضابطاً برتبة عقيد أو مقدم لستُ أذكر، وقد مر على مجلبة الغنم وهي قريبة من الشقة التي كنت أسكن فيها، وقال: أحببت السلام عليك والاطمئنان، وقد اشتريت خروفاً وذبحته في المسلخ هنا أحب أن أعطيك أنت وصاحبك منه إذا لم يكن لديكم مانع، ومعي بعض أبنائي الصغار في السيارة تحت يحبون أن يسلموا عليك، فنزلت معه وسلمت عليهم، وأعطاني قطعة من ذلك الخروف كدت لفرحي وجوعي آكلها في الشارع، ثم أدخل أخي عبدالعزيز يده في جيبه وأعطاني مبلغ 1200 ريالاً لا أنساها ما حييتُ، ولا أنسى ذلك الموقف وفرحتي بها، وكم أخذت بعدها من الأموال ولكن ليست كتلك الألف ومائتين. فاختصرتُ الكلام معه اختصاراً وودعته، وذهبت مسرعاً لسوق مركزي قريب فاشتريت قصديراً وكرتوووون شاي ليبتون جديد، وعدت للشقة وصاحبي عاكف على برادِ الشاي يناجيه وكأنه يناجي القمر! فقلت : قم يا عدو نفسه أوقد الفرن، فقد جاءنا الفَرَج، وكانت ليلةً من أجمل الليالي ..